مقدمــة
تتطلب حاجيات الفرد الشخصية والمهنية إجراء مجموعة من التصرفات والمعاملات، وإذا كان الأصل في الفرد وهو يجري تلك التصرفات أنه مليء الذمة، فإن قد بتعامل مع تأجيل أداء ما عليه من ديون، فيصبح بذلك مدينا، ومن القواعد المقررة في قانون الالتزامات والعقود لسنة 1913 لحماية دائني هذا الأخير، أن أموال المدين ضمان عام لدائنيه وفق ما جاء به الفصل 1241 من قانون اللإلتزامات والعقود .
ونظرا لأن هذا النص غير كافي لاستيفاء الدائنين لديونهم مما أدى بالدائن إلى البحث عن آليات أخرى يدفع بها إعسار المدين وغشه أو إهماله ، تسمى بالضمانات الخاصة، والتي تتوزع بين الضمانات العينية التي تعني تخصيص مال معين كضمانة للوفاء بأصل الدين ، أما الضمانات الشخصية فيقصد بها ضم ذمة أو أكثر إلى ذمة المدين الأصلي فيصبح للدائن أكثر من مدينان بدل واحد ، ومن صور الأولى الرهن بمختلف صوره (الرهن الرسمي، الرهن الحيازي، الرهن التجاري....)، أما الثانية فتعد الكفالة أحد أكثرها شيوعا في المعاملات.
وتعتبر الضمانات الشخصية أسبق في الظهور من الضمانات العينية لأكثر من سبب منطقي، إذ أن المدين في الغالب من الطبقات الفقيرة مما يعني انعدام أموال منقولة أو عقارية يقدمها كتأمين عيني لضمان لدينه مما يعد انتكاسة للضمانات العينية، إلى جانب أن النظام الاجتماعي للقبيلة الذي كان يسم المجتمع البشري آنذاك والذي يسوده التضامن والتكافل أدى إلى إعطاء الضمانات الشخصية مركزا مهما، بالإضافة إلى أن العقار باعتباره محل التأمينات العينية تعود ملكيته لجميع أفراد الأسرة .
إلا أن تنظيم حق الملكية وتقديسه من لدن أغلب التشريعات، كان سببا كافيا لتراجع الضمانات الشخصية لصالح الضمانات العينية خصوصا مع الحماية التشريعية للملكية وكل ما يترتب عنها من حقوق أصلية وأخرى تبعية .
غير أن الضمانات الشخصية عادت بالظهور بقوة في مجال الائتمان بسبب تنظيم القطاع البنكي، إذ أصبح البنك يتدخل لفائدة عميله كضامن للوفاء بدينه، عن طريق ما يسمى بالائتمان غير المباشر والذي يمنح فيه البنك توقيعه لزبونه كضمانة للوفاء بما على هذا الزبون من ديون، مع بقاء حق البنك في الرجوع على هذا الأخير متى وفى عنه للدائن، فهو –أي البنك- لا يخرج نقودا من حسابه كما هو الحال في الائتمان المباشر ، وأهم صور تدخل البنك في الائتمان البنكي غير المباشر تبرز في الكفالة البنكية، والتي تشكل صلب موضوع هذا العرض.
وتؤطر الكفالة كضمانة بنكية المادة 3 من القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها والتي تنص على اعتبار الكفالة البنكية من الضمانات البنكية التي تنشأ عن طريق التوقيع، إذا كان البنك هو المتدخل ككفيل لزبونه .
وإذا كان المشرع قد خص الكفالة كضمانة بنكية بمادة وحيدة ضمن القانون 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، حين أشار إليها حين تعريفه لعملية الائتمان، فإنه لابد من الركون إلى القواعد العامة للكفالة الواردة في ظهير الالتزامات والعقود لسنة 1913 والضبط الفصول من 1117 إلى 1169، مع الأخذ بعين الاعتبار كون الكفالة البنكية من العمليات التي يقوم بها البنك وهو يمارس نشاطه، خصوصا وأن النشاط البنكي يعد من الأعمال التجارية الأصلية، بصريح المادة 6 من مدونة التجارة لسنة 1996 ، كما أن اتخاذ البنك لشركة مساهمة يضفي على نشاطه الصبغة التجارية من هذا المنطلق بحيث أنه تاجر، مما يجعلنا نطرح التساؤل حول مدى تطبيق مدونة التجارة على الكفالة البنكية من زاوية القواعد التي قررها المشرع في المادة التجارية بخصوص مثلا افتراض التضامن، وحرية الإثبات، والاختصاص القضائي....
هذا وتكتسي الكفالة البنكية أهمية بالغة من الناحية النظرية، بحيث أنها ذللت الصعوبات التي يجدها الأفراد في إيجاد كفيل مليء الذمة هذا من جهة، وإن سلمنا أن هذه الصعوبة غير واردة، فإن الكفيل لن يخرج عن كونه شخص طبيعي الشيء الذي ينقص من ائتمان المدين على اعتبار الريبة التي تكتنف القدرة المالية للأشخاص الطبيعيين المتدخلين ككفلاء ، هذا الأمر جاءت الكفالة البنكية لحسمه، على اعتبار الشكل القانوني الذي يتخذه الكفيل في إطارها، والذي يكون دائما مؤسسة بنكية تتخذ شكل شركة مساهمة.
أما على المستوى العملي، فالكفالة البنكية تؤدي أدوار مهمة، تمكن المدين من تقوية ائتمانه وبالتالي مركزه في المعاملات، كما أنها تضطلع بوظيفة تمويلية فعالة ومؤثرة على خزينة المقاولة، أما بالنسبة للبنك فأهمية الكفالة تنطلق من كونها آلية مهمة لتنمية هامش الأرباح لدى البنك من مجرد التوقيع ، حيث يتقاضى عمولة نظير هذه الخدمة، كما أن مخاطرها قليلة إن لم نقل منعدمة.
عموما فالكفالة البنكية باعتبارها ضمانة بنكية، تطرح السؤال المحوري الآتي: ما موقع الكفالة البنكية ضمن الضمانات البنكية؟
هذا محور الإشكال الذي سنتناوله من خلال أسئلة جزئية من قبيل: ما هي الخصوصيات التي تتفرد بها الكفالة البنكية ضمن مجموع الضمانات؟ ما هي أهم تطبيقات الكفالة البنكية في التشريع المغربي باعتبار أهميتها ضمن الضمانات البنكية؟ وما هي الإجراءات التي تسبق تدخل البنك ككفيل كآليات لتقوية مركز الكفالة البنكية ضمن الضمانات البنكية؟ وما هي الآثار المترتبة عن الكفالة البنكية في مواجهة أطرافها البنك الكفيل من جهة والزبون المكفول من جهة أخرى؟
هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإجابة عنها، بإتباع التقسيم الثنائي الآتي، الذي نستهله بالحديث عن بعض الأحكام العامة للكفالة البنكية في فصل أول، ثم نتطرق للأحكام الخاصة لها في فصل ثان.
الفصل الأول
الأحكام العامة للكفالة البنكية
تنقسم الكفالة في مجال الائتمان إلى كفالة يطلبها البنك كضمانة لوفاء الزبون بالتزاماته، وكفالة بنكية يمنحها البنك لعميله عن طريق التوقيع، وهي التي سنتناولها هنا نظرا لأهميتها العملية والنظرية التي سبق وان أشرنا إليها في مقدمة هذا العرض .
وتعد الكفالة البنكية من آليات الائتمان البنكي غير المباشر عن طريق التوقيع، وهي من الضمانات غير المستقلة بمعنى أنها تستند إلى التزام آخر بين المدين المكفول وأحد من الغير الذي شكل سبب منحها.
هكذا سنتناول هذا الفصل في مبحثين نروم من خلالهما التركيز على خصوصيات الكفالة البنكية ومميزاتها عن الضمانات البنكية الأخرى، والتي تبرز تفردها بموقع مهم ضمنها.
المبحث الأول :ماهيـــة للكفـالة البنكيـة
نتناول في هذا المبحث بعض النقط الأولية التي تفيد في التعريف بالكفالة كضمانة بنكية، من خلال مطلبين كالآتي:
المطلب الأول: مفهوم الكفالة البنكية
يقتضي منا البحث في مفهوم الكفالة البنكية التطرق إلى التعريف التشريعي والفقهي، ثم خصائصها المميزة، في فقرتين كالآتي:
الفقرة الأولى: تعريف الكفالة البنكية
سبق أن تطرقنا في مقدمة هذا العرض إلى أن الأساس القانوني للكفالة البنكية يبرز في المادة 3 من القانون 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، غير أنه رغم غياب إحالة صريحة من المشرع على القواعد العامة للكفالة في قانون الالتزامات والعقود، فإن هذه المقتضيات التي تؤطر مختلف تفاصيل الكفالة البنكية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المادة التجارية باعتبار النشاط البنكي أحد أوجهها، وبالتالي لا بد من في تعريف الكفالة البنكية من الركون إلى الفصل 1117 من قانون الالتزامات والعقود الذي عرف الكفالة بوجه عام بأنها:
"عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين إذا لم يؤده هذا الأخير نفسه" .
وإذا كان هذا التعريف يهم الكفالة بصفة عامة إن هناك بعض التعاريف التي جاء بها أحد الباحثين تهم الكفالة البنكية بحيث عرفها بأنها:
"التصرف الذي يتعهد بمقتضاه البنك في مواجهة الغير بتأدية الالتزام الذي يتحمله عميله تجاه هذا الغير، إذا لم يقم العميل بتأديته بنفسه".
غير أن ما يجب الإشارة إليه في هذا الصدد، هو الكفيل في الكفالة البنكية يكون دائما هو البنك، فهذا الأخير يتدخل لفائدة عميله عن طريق منحه ضمانا لتنفيذ الالتزامات التي يتحمل بها تجاه دائنيه ، وهي من هذا المنطلق تختلف عن الكفالة التي يتطلبها البنك لضمان ائتمان بنكي، بحيث يكون في هذه الحالة مستفيدا من الكفالة لا طرفا.
الفقرة الثانية: خصائص الكفالة البنكية
تتميز الكفالة البنكية بالعديد من الخصائص الذاتية سنعمل على التركيز عليها، مع بعض الخصائص الأخرى التي تتقاطع فيها مع مجموعة من العقود لا داعي للتركيز عليها.
أولا: الكفالة البنكية عقد ملزم لجانب واحد
بحيث أن عقد الكفالة البنكية ينشئ التزام على عاتق البنك الكفيل، إذ أنه يلتزم تجاه الدائن بالوفاء محل المدين المكفول من طرفه، غير أن هذا الالتزام ليس على إطلاقه كما سنرى فيما سيأتي من العرض بحيث هناك مجموعة من الدفوع يعمد إليها البنك الكفيل لدفع هذا الالتزام كما في حالة تضييع الدائن لبعض الضمانات التي تساعد على استيفاء دينه.
غير أن ما تجدر ملاحظته أن الصفة العوضية للكفالة البنكية لا تؤثر في الخاصية الملزمة لجانب واحد لهذا العقد ، كما أن تحمل الدائن لبعض الالتزامات لا تتعارض مع هذه الخاصية، إذ أن الاتفاق على تخفيض نسبة الفوائد أو تمديد الأجل أو رفع البد عن ضمان معين، لا يرقى إلى درجة المقابل في عقد الكفالة البنكية .
ثانيا: الكفالة البنكية تقوم على الاعتبار الشخصي
تستمد الكفالة البنكية هذه الخاصية من ميزة الائتمان الذي تطبع الميدان التجاري التي تعني الثقة ، فالتعامل في الميدان التجاري يغلب عليه تأجيل الوفاء، وتعتبر الضمانات البنكية أحد الآليات لتقوية الائتمان، والكفالة كضمانة بنكية لا يمكن أن تخرج عن الاعتداد بالاعتبار الشخصي، من زاويتين إذ أن وجود شخص معنوي يتدخل ككفيل يجعلها محل اعتبار من طرف الغير المتعاقد مع المكفول نظرا لملاءة ذمة البنك هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فالبنك أثناء منحه الكفالة يتحرى عن شخص المدين الذي يطلب كفالته خصوصا من ناحية ما عليه من خصوم وما له من أصول، ومدى حسن نيته وكفاءته، وقيمة وسائله التقنية .
عموما؛ فالاعتبار الشخصي أساس تدخل البنك ككفيل، ولو لا هذا الاعتبار ما كان البنك أن يوافق على منح توقيعه للمدين .
ثالثا: الكفالة البنكية تقدم بمقابل
بالرجوع إلى القواعد العامة نجد أن الفقرة الأولى من الفصل 1131 من قانون الالتزامات والعقود يعتبر المجانية أحد أسس الكفالة، واعتبر كل شرط مخالف يقع تحت طائلة البطلان، بل ويجعل عقد الكفالة نفسه باطلا.
غير أن الفقرة الأخيرة من نفس الفصل استثنت من هذه القاعدة الكفالة التي تعقد بين التجار لأغراض تجارتهم، متى كان العرف يسمح بذلك.
وبالتالي فإن الكفالة البنكية تتميز عن الكفالة بوجه عام من هذه الناحية، بحيث أن المقابل فيها عنصر جوهري يستقيم وطبيعتها القانونية، لعدة أسباب نذكر منها:
-أن المادة 3 من القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، والتي جاءت لتعريف عمليات الائتمان، أشارت إلى المقابل ليشمل هذا المقتضى جميع عمليات الائتمان بما فيها الكفالة البنكية .
-الكفالة البنكية من العمليات البنكية، وهي من طبيعة تجارية سواء كان المكفول تاجرا أو مدني، مما يعني أنه لا يمكن أن نتصور المجانية في الأعمال التجارية، والتي تستهدف دائما الربح.
-إن اعتبار الكفالة البنكية عملا تجاريا، يجعل مقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 1131 من قانون الالتزامات والعقود أولى بالتطبيق من الفقرة الأولى من نفس الفصل.
هكذا فإن تقديم البنك كفالته لعميل من العملاء يكون مناسبة لتحصيل عمولة عن هذه العملية، هذه العمولة تنقسم إلى شقين، الأول يعتبر بمثابة أجر عن الخدمة التي يقدمها البنك للعميل، والثاني يخصص لتغطية المخاطر التي يحتمل تعرض البنك لها .
رابعا: الكفالة البنكية التزام تبعي
ويعبر بعض الباحثين عن هذه الخاصية بأن الكفالة البنكية ضمانة غير مستقلة أي أنها لا توجد لذاتها كما هو الحال بالنسبة لبعض الضمانات البنكية الأخرى، بل تستند دائما إلى التزام سابق بين المدين المكفول والدائن.
ويترتب عن هذه الخاصية مجموعة من الآثار القانونية المهمة والتي تؤثر في الكفالة البنكية نذكرها كالآتي:
-الكفالة البنكية ترتبط بالالتزام الأصلي الذي عقدت من أجله وجودا وعدما، صحة وبطلانا .
-يجب أن تعقد الكفالة في حدود قيمة الدين المترتب على الالتزام الأصلي، بحيث لا يجوز أن تتجاوزه .
-يحق للبنك الكفيل أن يتمسك بجميع الدفوع المتعلق بالالتزام الأصلي التي يكون للمدين الأصلي إثارتها، سواء كانت متعلقة بشخص المدين أو أنها تهم الدين المضمون كما سنرى فيما سيأتي .
خامسا: الكفالة البنكية عمل تجاري
إذا كانت الكفالة التي يطلبها البنك لتأمين ما يقدمه لعملائه من خدمات تثير إشكالية بخصوص طبيعتها القانونية هل هي من الأعمال المدنية أم من الأعمال التجارية ، فالكفالة البنكية التي يتدخل فيها البنك ككفيل لا كمستفيد لا تثير حسب الفقه المهتم أي إشكال بخصوص طبيعتها القانونية، فهي تظل عملا تجاريا كيفما كان الطرف المكفول مدنيا كان أو تاجرا، باعتبار معيارين قام الفقه بذكرها ضمن تحليله لهذا النقطة، هما:
أ-المعيار الموضوعي: الذي يستند إلى الصفة التجارية للنشاط البنكي حسب ما جاء في المادة السادسة من مدونة التجارة لسنة 1996، وبالتالي فاعتبار الكفالة البنكية من عمليات الائتمان التي يقوم بها البنك يضفي عليها الصفة التجارية من هذه الناحية.
ب-المعيار الشكلي: بحيث أن وجود البنك ككفيل في الكفالة البنكية، وهو كما هو معلوم يعتبر تاجر بحسب الشكل الذي يتخذه، مما يعني أن الكفالة البنكية تلحقها الصفة التجارية من هذه الناحية.
ويترتب على الطبيعة التجارية لعقد الكفالة البنكية مجموعة من الآثار المهمة ترتبط أساسا بالقواعد المطبقة على الأعمال التجارية، وهي كالآتي:
-إن الإلتزامات الناشئة عن الكفالة البنكية يفترض فيها التضامن وفق ما جاء في المادة 335 من مدونة التجارة، بخلاف ما هو منصوص عليه في الفصل 1131 من قانون الالتزامات والعقود ، فالبنك يلتزم بالتضامن مع عميله المكفول من لدنه، كما أن تعدد الكفلاء بسبب نفس الدين ولمصلحة نفس المدين المكفول فإن التضامن بينهم مفترض ، كما في حالة تدخل عدة بنوك لكفالة شخص معنوي او طبيعي بمقتضى عقد واحد وبالنسبة لدين واحد .
-يرجع الاختصاص القضائي بالنظر في النزاعات المترتبة عن الكفالة مبدئيا للمحكمة التجارية، متى كان المكفول تاجرا، أما إذا كان مدنيا فإننا نكون بصدد عقد مختلط، مما يعني إعمال قاعدة الخيار الممنوحة لهذا الأخير في حالة غياب اتفاق صريح يعين المحكمة التجارية، غير أنه إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للكفالة التي يتدخل فيها البنك ككفيل، فإن الكفالة التي يطلبها البنك على خلاف ذلك تعد بالأصل عملا مدنيا، على اعتبار أن البنك لا يتدخل كطرف بل كمستفيد، فالاختصاص في ينعقد مبدئيا للمحكمة الابتدائية متى كان الكفيل والمكفول مدنيين، إلا أن الكفالة المبرمة لضمان دين تجاري تختص بالنظر في النزاعات الناشئة عنها المحكمة التجارية لأن الصفة التجارية تلحقها بالتبعية .
المطلب الثاني: تمييز الكفالة عما يشابهها
تتميز الكفالة البنكية عن مجموعة من الأنظمة المشابهة، ونذكر من الأسباب أو الدواعي التي كانت وراء تناول هذه النقطة في العرض، كون الكفالة البنكية تختلط مع العديد من الأنظمة والتصرفات ، بحيث كثيرا لا تستخدم مفردة الكفالة أو كفيل في تصرف ما ومع ذلك يدخل هذا التصرف في حكم الكفالة، كما أن الأطراف في بعض الأحيان يصفون تصرفا ما كفالة ولكن في جوهره لا ليس كذلك، هذا ما يدفعنا إلى تمييز الكفالة البنكية عن الكفالة المدنية (الفقرة الأولى)، وعن بعض العمليات البنكية الأخرى (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الكفالة البنكية والكفالة المدنية
رغم التقارب الكبير بين الكفالة المدنية والكفالة البنكية إلى حد التطابق لا من حيث القواعد القانونية المطبق عليهما، ولا من حيث الانعقاد وكذا الآثار وغيرها من النقط، إلا أن هذه الثانية تختلف عن الثانية في العديد من النقط سنركز على نقطتين جوهريتين كالآتي:
أولا: من حيث الطبيعة القانونية
فالكفالة المدنية عقد مدني صرف مبدئيا، ما لم تعقد لضمان دين تجاري إذ تلحقها الصفة التجارية، في حين أن الكفالة البنكية باعتبارها من عمليات الائتمان فهي عمل تجاري أصلي.
ثانيا: من حيث المقابل في كل منهما
إذ أن الكفالة المدنية تكون مجانية، وكل شرط يقتضي بخلاف ذلك باطل ويبطل عقد الكفالة، في حين الكفالة البنكية لا يفترض فيها المجانية بنص المادة 3 من القانون 34.03، والفقرة الأخيرة من الفصل 1131 من قانون الالتزامات والعقود .
ثالثا: من حيث تواجد البنك ككفيل
ففي الكفالة المدنية لا يمكن الحديث عن تدخل البنك ككفيل فيها، ولكن يمكن أن تقدم الكفالة له كمستفيد، في حين أن الكفالة البنكية تتميز بوجود المؤسسة البنكية كطرف له اعتبار فيها.
الفقرة الثانية: تمييز الكفالة البنكية عن بعض العمليات البنكية الأخرى
قد تختلط بالكفالة البنكية مجموعة من العمليات والتعهدات التي يقدمها البنك لعملائه وتقوم جلها على فكرة الائتمان، هذا ما سنحاول تحليله في إطار هذه النقطة كالآتي:
أولا: تمييز الكفالة البنكية عن خطاب الضمان
يقصد بخطاب الضمان أو الضمان بمجرد الطلب ذلك التعهد الذي يصدر من البنك لفائدة دائن عميله الآمر، فالبنك لا يلتزم بتنفيذ الالتزام بدلا عن عميله بل يتعهد بدفع مبلغ نقدي معين لفائدة دائن الزبون أيا كانت طبيعة التزام الزبون الآمر . ومن أهم القرارات القضائية التي وقفت على العديد من نقط الاختلاف بين الكفالة البنكية و خطاب الضمان، والتي صادفنها ونحن نبحث في الموضوع، قرار للمجلس الأعلى -سابقا محكمة النقض حاليا- جاء في قاعدته ما يلي:
"إن خطاب الضمان يعد من الضمانات البنكية المستقلة التي توفر بطبيعتها للمستفيد ضمان السيولة عند أول طلب، وضمان عدم الاعتراض على الأداء لأي سبب كان، فهو ينشئ للمستفيد حقا مباشرا ونهائيا ومستقلا عن كل علاقة أخرى، ومن ثم فإن خطاب الضان يختلف عن الكفالة البنكية من حيث الآثار التي يرتبها على أطرافه.
لما كان الثابت لقضاة الاستئناف أن الأمر في النازلة لا يتعلق بعقد الكفالة كما جنح لذلك الحكم الابتدائي وإنما بخطاب الضمان استناد على ما تضمنه العقد من أن البنك الطاعن يلتزم بالأداء عند أول طلب في حدود المبلغ المكفول وبدون اعتراض لأي سبب وهما الشرطان الأساسيان لقيام خطاب الضمان..." .
وفي ضوء القرار السابق ومن مجموع ما توفر لدينا من مؤلفات ومقالات فقهية، نستشف أهم نقط الإختلاف بين الكفالة البنكية وخطاب الضمان كما يلي:
1-من حيث القواعد القانونية المؤطرة لكل منهما :
بحيث أن خطاب الضمان لم يتولى المشرع المغربي تنظيمه بأي نص قانوني، وبالتالي يرجع في تنظيمه إلى قواعد وأعراف التجارة الدولية الموحدة من طرف غرفة التجارة الدولية بباريس ، في حين أن الكفالة البنكية منظمة بمقتضى القواعد العامة المقررة في قانون الإلتزامات والعقود لسنة 1913، بالإضافة إلى المادة 3 من القانون رقم 34.04 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
2-من حيث مدى استقلالية كل منهما عن العقد الأصلي:
فالكفالة البنكية كما سبق وقلنا التزام تبعي للالتزام الأصلي، فيدور معه وجودا وعدما، على عكس خطاب الضمان الذي ينشأ مستقلا عن الالتزام الأصلي بين الزبون الآمر والغير الدائن له .
3- من حيث الدفع بالرجوع أولا على المدين الأصلي:
بحيث أن مطالبة البنك بالوفاء محل المكفول في الكفالة البنكية يستلزم ضرورة الرجوع أولا على المدين الأصلي، في حين أن خطاب الضمان لا يقيد الدائن بمثل هذا الإجراء، بحيث يرجع على البنك مباشرة، وهذا ما حذا بالفقه إلى تسمية خطاب الضمان بـ"الضمان تحت الطلب" .
ثانيا: تمييز الكفالة البنكية عن تأمين الضمان
يقصد بتأمين الضمان "تلك العملية التي يلتزم بمقتضاها المؤمن بتغطية المؤمن له ضد خطر عدم الوفاء بالدين المضمون عند حلول الأجل" ، ونظرا للتقارب الكبير بين تأمين الضمان والكفالة البنكية من زاوية أنهما يستهدفان ضمان الوفاء بالدين، فإن منحى كل واحد منهما يختلف في ذلك، في عدة أوجه كالآتي:
1-من حيث أطراف كل منهما:
يقترب تأمين الضمان مع الكفالة البنكية من ناحية تواجد البنك، ففي الأول يتدخل البنك كمؤمن، أما طبيعة تدخله في الثانية فتبرز في كون كفيل للمدين الأصلي، غير أن الطرف الأخر في كل منهما يختلف فإذا كانت الكفالة البنكية تعقد بين البنك والمدين الأصلي، فإن تأمين الضمان يبرم بين البنك والدائن.
2-من حيث استقلالية كل واحد منهما عن الالتزام الأصلي:
فالكفالة البنكية كما قلنا التزام تبعي لأصل الدين الذي منحت لضمانه، في حين أن تأمين الضمان التزام أصلي مستقل تماما عن العلاقات التعاقدية بين الدائن والمدين.
3-من حيث تقابل الالتزامات:
بحيث أن الكفالة البنكية كما سبق وأشرنا إليه عند حديثنا عن خصائصها، عقد ملزم لجانب واحد هو البنك، في حين أن تأمين الضمان عقد ملزم لجانبين الدائن (المؤمن له)، والبنك (المؤمن) ، الأول يدفع أقساط التأمين في حين أن الثاني ملزم بأداء قيمة الدين عند حصول الضرر.
4- من حيث محل كل منهما:
إذ أن محل الكفالة البنكية هو أداء البنك للدين الذي على المدين المكفول، في حين محل تأمين الضمان هو التعويض عن الضرر الذي يلحق الدائن من جراء تقاعس المدين عن الوفاء.
5- من حيث حق الرجوع :
إذ وفاء البنك محل المدين الأصلي في الكفالة البنكية يخول له حق الرجوع عليه، في حين أن حصول الضرر المؤمن عليه في تامين الضمان يجعل التزام البنك بتعويض الدائن قائما، وليس له حق الرجوع على المدين الأصلي، وهذه نتيجة حتمية لاستقلال تأمين الضمان عن الالتزام الأصلي، على عكس تبعية الكفالة البنكية لهذا الالتزام.
المبحث الثاني: بعض تطبيقات الكفالة البنكية في التشريع المغربي
لقد حظيت الكفالة البنكية نظرا لأهميتها العملية باهتمام المشرع المغربي في بعض القوانين ذات الطابع التقني والمالي، إذ نص عليها أكثر من قانوني ، نقتصر على موقع الكفالة البنكية في القانون الجمركي (المطلب الأول)، ثم وضعية البنك ككفيل في إطار مساطر صعوبة المقاولة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الكفالة البنكية في القانون الجمركي
تحتل الكفالة البنكية مركزا مهما في مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، في العديد من الفصول، غير أن فلسفة وضعها يغلب عليه طابع حماية الحقوق المالية لإدارة الجمارك تجاه المتعاملين معها.
ومن المبادئ التي تحكم التعامل مع إدارة الجمارك وفق النظام الجمركي العادي والتي تنص عليه المادة 100 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة ، أن استيراد البضائع وتصديرها يستوجب استخلاص رسوم جمركية لصالح خزينة الدولة، وإذا كان هذا هو المبدأ فإن المشرع تشجيعا منه للاستثمار والرفع من تنافسية المقاولة أوجد مجموعة من الآليات التي تعتبر استثناء من هذا المبدأ بحيث يتم إما تأجيل أداء تلك الرسوم والمكوس الجمركية أو وقف أدائها مؤقتا، ولكن هذه الاستثناءات ليس على إطلاقها بل أوجد المشرع في إطار مدونة الجمارك، ضمانات لحماية حقوق إدارة الجمارك تجاه المستوردين والمصدرين، تتمثل في تقديم كفالة بنكية في مقابل استفادتهم من تلك التسهيلات، هذا ما سنتناوله في نقطتين كالآتي:
الفقرة الأولى: الكفالة البنكية كضمانة لتأجيل أداء الرسوم الجمركية
قد يطلب المتعامل مع إدارة الجمارك تأجيل ما عليه من رسوم جمركية إلى وقت لاحق، وبالتالي تمكينه من سحب البضاعة لأجل إما التصدير أو الاستيراد، أو تمكينه من إيداع البضائع مع تأجيل ما عليه من رسوم إلى وقت لاحق، وتعد الكفالة البنكية أحد الضمانات التي تطلبها إدارة الجمارك لاستفادة المتعامل معها من تلك المزايا إما لأجل سحب المستورد لبضائعه، أو لأجل الاستفادة من إيداع البضائع المستورة أو تلك التي في طريقها للتصدير، على النحو الآتي:
أولا: الكفالة البنكية المقدمة عن سحب البضائع
يؤطر هذه الضمانة الفصل 101 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة ، بحيث يمكن للمستورد سحب بضاعته مقابل تقديمه لكفالة بنكية، في الحالة التي يتم فيها فحص البضاعة وقبل تقدير الرسوم والمكوس الجمركية ، وستهدف المستورد من تقديم الكفالة الإسراع بإدخال البضاعة وتسويقها، بدل أن ينتظر إلى حين تسوية الوضعية المالية له تجاه إدارة الجمارك، ويلتزم المستورد ومعه البنك الذي تدخل ككفيل بتسديد الرسوم الجمركية المستحقة لفائدة إدارة الجمارك داخل أجل يتراوح بين 15 أو 20 أو 30 يوما حسب اختيار الملزم من تاريخ الترخيص له بسحب البضاعة .
ثانيا: الكفالة البنكية المقدمة للاستفادة من إيداع البضائع
يقدم المستورد أو المصدر كفالة بنكية من أجل الاستفادة من إيداع بضاعته في أحد المخازن الخاضعة لمراقبة إدارة الجمارك مع تأجيل تسديد الرسوم المستحقة على هذه العملية إلى حين خروجها، ويذكر أحد الباحثين أن الكفالة البنكية عن الإيداع تكون ذات أهمية بالغة في حالة إيداع البضائع في مستودع خاص، وتقل هذه الأهمية بل قد تتخلى إدارة الجمارك عن المطالبة بتقديمها في الحالة التي يتم إيداعه هذه البضائع في مستودع عمومي .
الفقرة الثانية: الكفالة البنكية كضمانة لوقف أداء الرسوم الجمركية مؤقتا
تهم الكفالة البنكية في هذا الإطار تلك التي تطلبتها مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة للاستفادة من الأنظمة الاقتصادية للجمرك ، والتي تقوم على مبدأ وقف استيفاء الرسوم الجمركية مؤقتا، وهذه الكفالة البنكية تطلبها إدارة الجمارك لأجل ضمان البنك لأداء الرسوم الجمركية المترتبة في ذمة المستفيد من هذه الأنظمة .
ويبقى أن نشير في الأخير إلى أن أهم نص يسم الكفالة البنكية في هذا المجال ما جاءت به الفقرة الأولى من الفصل 230 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة والتي تنص على أنه:
" يلزم الكفلاء بقدر ما يلزم الملتزمون الرئيسيون بأداء الرسوم والمكوس والعقوبات المالية وغيرها من المبالغ الواجبة على الملزمين الذين كفلوهم".
فالبنك الكفيل يلتزم تجاه إدارة الجمارك كأنه مدين أصلي، في الحدود التي يلتزم بها هذا الأخير.
المطلب الثاني: وضعية البنك ككفيل في مساطر صعوبات المقاولة
قد يحدث أن يكون لدى المدين المفتوحة في وجه مساطر صعوبات المقاولة من يكفل ديونه لصالح دائنيه، فالتزام الكفيل موضوعه هو ضمان عجز المدين، وفتح مسطرة المعالجة في وجهه هذا الأخير يحقق لا محالة الواقعة التي التزم بشأنها الكفيل، وبالتالي نتساءل عن وضعية الكفيل بصفة عامة ، والبنك بشكل خاص، في إطار مساطر صعوبة المقاولة، هذا من خلال نقطتين كالآتي:
الفقرة الأولى: أثر عدم التصريح بالديون على التزام البنك الكفيل
يترتب على عدم التصريح بالديون لدى السنديك داخل الأجل القانوني يترتب عنه انقضاء الدين الأصلي، وتبعا لذلك ينقضي التزام البنك الكفيل، لأن انقضاء الدين الأصلي يؤدي إلى انقضاء الالتزامات التبعية المتعلقة به بما في ذلك الكفالة البنكية، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 690 من مدونة التجارة لسنة 1996 بقولها:
"تنقضي الديون التي لم يصرح بها ولم تكن موضوع دعوى رامية إلى رفع السقوط".
هكذا جاءت هذه المادة بسبب خاص لانقضاء الالتزامات يقتصر على مساطر صعوبة المقاولة بحيث نصت على أن عدم التصريح بالدين المترتب في ذمة المقاولة المفتوحة في وجهها مساطر معالجة صعوبات المقاولة لدى السنديك، في الآجال المشار إليها في المادة 687 من مدونة التجارة، وبعد مرور أجل السنة كآجال لرفع السقوط عن الدين يجعل هذا الدين منقضيا تجاه المقاولة المدينة المدينة طبقا لما جاء في الفصل 1150 من قانون الالتزامات والعقود .
و بالتالي فإن البنك الكفيل يستفيد من هذا المقتضى الخاص في حالة تدخله ككفيل، عكس ما سنراه في النقطة الموالية.
الفقرة الثانية: عدم استفادة البنك الكفيل من قاعدة وقف المتابعات الفردية
تؤطر هذه القاعدة المادة 653 من مدونة التجارة ، بحيث أنه يوقف حكم فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة كل دعوى قضائية فردية يقيمها الدائنون تجاه المقاولة المدينة .
وإذا كانت هذه المادة نصت صراحة على أن المقاولة المدينة هي المستفيدة من هذه القاعدة، فإن التساؤل يطرح حول مدى شمولها للبنك الكفيل، مع العلم أن هناك المادة662 من مدونة التجارة التي تهم وضعية الكفيل بصفة عامة في ظل مساطر صعوبة المقاولة.
ولا يستفيد البنك الكفيل من قاعدة وقف المتابعات الفردية، بحيث لدائني المقاولة المدينة المفتوحة في وجهها مسطرة المعالجة، إتباع الإجراءات التنفيذية تجاه البنك الكفيل لاستيفاء ديونهم، وليس للبنك أن يؤدي للدائنين من أموال المقاولة المودعة لديه بل عليه الوفاء من ماله الخاص، ويبقى له التصريح بما به عن الغير من هذا المال لدى السنديك .
غير أن القضاء ومعه الفقه انقسم حول مدى استفادة البنك الكفيل من قاعدة وقف المتابعات الفردية ، غير أن الرأي الراجح أن البنك الكفيل لا يمكنه التمسك بقاعدة وقف المتابعات الفردية .
الفصل الثاني
الأحكام الخاصة بالكفالة البنكية
بعد أن حاولنا تلمس بعض الأحكام العامة للكفالة البنكية سنتناول في هذا الفصل الأحكام الخاصة بها من حيث إبرام عقد الكفالة البنكية (المبحث الأول)، ثم آثار الكفالة البنكية (المبحث الثاني).
المبحث الأول: إبرام عقد الكفالة البنكية
كسائر العقود تتطلب الكفالة البنكية مجموعة من الأركان الموضوعية مع بعض الخصوصيات التي تتخلل هذه الأركان(الفقرة الأولى)، غير أنها تستقل ببعض الإجراءات التي يأتي البنك لأجل تقوية الكفالة البنكية (الفقرة الثانية).
المطلب الأول: الأركان الموضوعية لانعقاد الكفالة البنكية
تنعقد الكفالة كسائر العقود بتوفر الأركان الضرورية من رضى ومحل وسبب، وإذا كانت هذه الأركان تتقاطع فيه الكفالة البنكية مع العديد من العقود الأخرى مدنية كانت أو تجارية، سنحاول في هذا الإطار بعض الخصوصيات التي تميز الكفالة البنكية على مستوى هذه الأركان، من خلال ما يلي:
الفقرة الأولى: الأهلية في الكفالة البنكية
تتميز الكفالة البنكية بتواجد البنك كطرف فيها، الذي يخضع للقانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ، وبما أن البنك الكفيل شخص معنوي يتخذ شكل شركة مساهمة ويمارس النشاط البنكي الذي يعد من الأعمال التجارية بالطبيعة، وبالتالي فإن الأهلية التجارية متطلبة فيه والتي تثبت له بمجرد توفره على الشخصية المعنوية بعد تقييده في السجل التجاري بعد أن يكون قد استوفى جميع الشروط المتطلبة لذلك، إذ يصبح بذلك أهلا لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات .
وبالتالي فاكتساب البنك للشخصية المعنوية تجعله كامل الأهلية لمنح توقيعه بواسطة آلية الكفالة البنكية، غير أن ما تجدر ملاحظته في هذا الإطار، أن أهلية البنك تقف عند حدود سياسة توزيع المخاطر الائتمانية –التي سنتحدث عنها فيما سيأتي- بحيث لا يمكن تجاوز القدرة المالية للبنك .
ونافلة القول بخصوص الأهلية في الكفالة البنكية من زاوية البنك، أن هذا الأخير باعتباره شخصا معنويا ورغم توفره على الأهلية القانونية لمنح الكفالة، فإن الشخص الذاتي هو الذي يقوم مقامه في جميع أعماله، وفي الغالب يكون هو المدير إذ يكون أهلا للتوقيع على الكفالة البنكية متى توفرت فيه الصفة وفي حدود سلطاته .
الفقرة الثانية: المحل في الكفالة البنكية
يتمثل الغرض من منح البنك توقيعه في الرغبة في منح الضمان لعميله، أي الأداء المحتمل لما على المدين من ديون ناشئة عن الالتزام الأصلي، والأصل فيه أن يكون محددا ، كما يمكن أن يكون غير محدد ، وفي هذه الحالة يضمن البنك الكفيل كل التعويضات والمصروفات التي يتحمل بها المدين الأصلي .
ويتعين أن يكون محل الكفالة البنكية مشروعا غير مخالف للنظام العام أو الأخلاق الحميدة.
المطلب الثاني: بعض الإجراءات السابقة لانعقاد الكفالة البنكية
تعد هذه الإجراءات من المسائل المهمة التي تعطي للكفالة البنكية قوة بين الضمانات البنكية، وهي سابقة على إعطاء توقيعه للمدين، إذ يتحرى عن مجموعة من الجوانب المتعلقة بالالتزام المضمون بالكفالة (أولا)، ثم يعمل على حمايته بمجموعة من الآليات (ثانيا).
الفقرة الأولى: دراسة لبعض جوانب الكفالة البنكية
لتؤدي الكفالة البنكية دورها في تقوية ائتمان المدين المكفول، يعمل البنك قبل منح توقيعه على دراسة بعض الجوانب المحيطة بالعملية، من قبيل:
أولا: الوقوف على طبيعة الالتزام المراد ضمانه
إذ أن الالتزامات تختلف من حيث آثارها، وتتميز بخصوصيات مختلفة من التزام لآخر، والبنك يقف عند طبيعة الالتزام المراد ضمانه بكفالة بنكية، خصوصا في جوانبه المالية، حيث يبحث عن مدى التزام به بدفع غرامات أو فوائد تأخير، إلى جانب مدة الالتزام الأصلي التي تؤثر بالطبع في الكفالة البنكية ، هذا كله ليتسنى للبنك معرفة طبيعة التزامه وحدوده.
ثانيا: الوقوف على مدى ملاءة ذمة المدين المكفول
إن طول مدة الكفالة البنكية تفرض على البنك التحري عن شخص المدين الذي يطلب كفالته، خصوصا مدى ملاءة ذمته المالية ومن المؤشرات التي يعتمدها البنك في هذا الإطار:
-طلب الموازنة المالية للمدين للثلاث سنوات المالية الأخيرة .
-الحرص على معرفة القروض والاعتمادات الممنوحة للمؤسسة أو تلك التي قدمها.
-الاهتمام بأنواع الديون التي على المؤسسة طالبة الكفالة ومواعيد استحقاقها.
ثالثا: الوقوف عند شخص المدين المكفول
إن ميزات الكفالة البنكية أنها تقوم على الاعتبار الشخصي ، وبالتالي فإن لشخص العميل مركز مهم في منح الكفالة من عدمه، وبالتالي تقوي الكفالة البنكية كضمانة بنكية، بحيث يتحرى البنك عن حسن نية المدين ومدى كفائته، وقيمة وسائله التقنية .
الفقرة الثانية: آليات تقوية الكفالة كضمانة بنكية
إن دراسة الجوانب المتعلقة بالالتزام الأصلي من حيث موضوعه وأشخاصه، غير كافية لتكوين صورة عن الكفالة البنكية، بل يعمل البنك على تقوية هذه الأخيرة بمجموعة من الآليات، بناء عليها يقرر منح الكفالة من عدمه، وهي كالآتي:
أولا: طلب ضمانات بنكية أخرى
قد يطلب البنك مجموعة من الضمانات الأخرى شخصية كانت أم عينية، متى رأى أن هناك مخاطر تهدد الكفالة البنكية، خصوصا في الحالة التي يكون فيها المبلغ المضمون كبيرا ، فهذه الضمانات تعتبر ضمانات مقابلة تكفل حق البنك بعد الوفاء للغير محل المدين الأصلي.
ثانيا: اعتماد سياسة توزيع المخاطر
يعتبر هذا الإجراء أحد أهم الآليات التي تؤثر في منح الكفالة من عدمه، فالبنك بهذا الإجراء يتمكن من معرفة مدى ملاءته، بحيث أن هذه السياسة تروم إقامة التوازن بين حجم القروض التي منحها البنك والقدرة المالية له .
المبحث الثاني:تنفيــذ الكفالـة البنكيـة
بعد إبرام عقد الكفالة البنكية تأتي مرحلة تنفيذ هذا العقد من خلال أثاره في مواجهة البنك الكفيل والزبون المكفول، ثم أسباب انتهاء الكفالة البنكية، وتطبق على مرحلة التنفيذ المقتضيات العامة للكفالة وفق ما جاء به ظهير الإلتزامات والعقود، هذا ما سنتناوله كالآتي:
المطلب الأول: آثار الكفالة البنكية
الفقرة الأولى: التزامات البنك في الكفالة البنكية
قلنا ونحن بصدد البحث في الطبيعة القانونية للكفالة البنكية أن هذه الأخيرة من طبيعة تجارية بالنظر إلى معيارين، الأول شكلي ينظر فيه إلى شكل البنك، والثاني موضوعي يستند إلى الطبيعة التجارية للنشاط البنكي، وبالتالي فالكفالة البنكية عمل تجاري صرف، ومن الآثار المترتبة على ذلك أن التزام البنك فيها التزام تضامني ، الشيء الذي تؤكده الفقرة الثانية من الفصل 1133 من قانون الالتزامات والعقود، وبالتالي للدائن مطالبة البنك الكفيل بالأداء متى كان المدين عاجزا عن الوفاء بالدين، إذا ما توفرت مجموعة من الشروط الضرورية، ودون أن يثير البنك أية دفوع تجاه هذا الدائن كيفما كان مصدرها .
أولا: شروط رجوع الدائن على البنك الكفيل
يقتضي رجوع الدائن على البنك الكفيل مباشرة باعتبار التزام هذا الأخير كما قلنا التزام تضامني، ولكن لا بد من توفر شروط مهمة للرجوع وهي كالآتي:
1-أن يحصل عجز المدين الوفاء بالدين: بحيث أن رجوع الدائن على البنك يقتضي عدم قدرة المدين المكفول على الأداء.
2-أن يتوفر الدائن على سند تنفيذي: بحيث لا يحق للدائن الرجوع على البنك الكفيل إلا إذا توفر على سند تنفيذي يكون إما عقد الكفالة ذاته، أو حكم قضائي قابل للتنفيذ .
ثانيا: دفوع البنك الكفيل تجاه الدائن المستفيد
يؤطر هذه الدفوع الفصل 1140 من قانون الالتزامات والعقود والذي جاء فيه:
"للكفيل أن يتمسك، في مواجهة الدائن، بكل دفوع المدين الأصلي، سواء كانت شخصية له أو متعلقة بالدين المضمون، ومن بينها الدفوع التي تؤسس على نقص أهلية المدين الأصلي. وله أن يتمسك بهذه الدفوع، ولو برغم اعتراض المدين أو تنازله عنها، كما أنه يمكنه أن يحتج بالدفوع التي هي خاصة بشخص المدين الأصلي كالإبراء من الدين الحاصل له شخصيا".
هكذا للبنك الكفيل مجموعة من الدفوع يجوز له التمسك بها تجاه الدائن، وتنقسم إلى دفوع يشترك فيها مع المدين الأصلي ، وأخرى ينفرد بها ، ونظرا لكثرة هذه الدفوع سنقتصر على ما يلي:
1-الدفع بالمقاصة بقدر ما أضاعه الدائن من ضمانات:
قد يكون الدين مضمون بضمانات أخرى إما عينية أو شخصية، وجب على الدائن المحافظة عليها، على اعتبار أن إضاعته لهذه الضمانات يؤثر في حقوق البنك المكفول، بحيث أن الوفاء للدائن يجعل البنك يحل محله في الرجوع على المدين ، وإضاعة تلك الضمانات يمس حقوق البنك الكفيل .
وقد جاء في أحد قرار المجلس الأعلى بهذا الخصوص ما يلي:
"تبرأ ذمة الكفيل بقدر ما أضاعه الدائن بخطئه من ضمانات باعتبار أنه تسبب بخطئه في حرمان الكفيل من الرجوع على المدين الأصلي والاستفادة من الضمانات الممنوحة له" .
وعليه، يمكن للبنك الكفيل الدفع بالمقاصة بين قيمة الضرر الذي لحقه جراء ما أضاعه عليه الدائن من ضمانات، وبين قيمة الدين الذي تدخل على إثره البنك ككفيل .
واشترط بعض الباحثين مجموع من الشروط لقيام أساس هذا الدفع، منها على الخصوص:
-أن يكون الدائن قد أضاع تامينا خاصا كيفما كان مصدره.
-أن يحصل الضياع بسبب خطأ أو تقصير الدائن.
-أن يحصل ضرر للبنك الكفيل.
2- الدفع بسقوط الأجل
يرتبط هذا الدفع ارتباطا وثيقا بالكفالة التي تبرم لزمن محدد، بحيث أن عدم مطالبة الدائن للكفيل بأداء قيمة الدين عند حلول أجل الاستحقاق، وقبل انتهاء الأجل المحدد للكفالة، يجعل حق البنك في ممارسة الدفع بسقوط الأجل قائما متى طالبه الدائن بالوفاء بالدين، حسب ما جاء به الفصل 1142 من قانون الالتزامات والعقود .
الفقرة الثانية: حقوق البنك في الكفالة البنكية
قرر المشرع للبنك الكفيل مجموعة من الحقوق تنشأ بمجرد الوفاء لفائدة دائن المكفول، وله الرجوع على المدين الأصلي ولو قبل الوفاء من خلال مجموعة من الحالات جاء بها الفصل 1141 من قانون الالتزامات والعقود ، ويعتبر هذا استثناء من القاعدة التي تقضي بأن رجوع البنك الكفيل يكون بعد وفاء هذا الأخير للغير الدائن، من خلال دعويين لكل منهما شروطها وإجراءاتها على النحو الآتي:
أولا: الدعوى الشخصية
يتجلى الأساس القانوني للدعوى الشخصية في الفصل 1143 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أنه:
" للكفيل الذي يقضي الالتزام الأصلي قضاء صحيحا حق الرجوع على المدين بكل ما دفعه عنه، ولو كانت الكفالة أعطيت بغير علمه، وله حق الرجوع عليه أيضا من أجل المصروفات والخسائر التي كانت نتيجة طبيعية وضرورية للكفالة".
فمن خلال هذا النص يتضح أن شروط رجوع البنك على المدين المكفول بدعوى شخصية كالآتي:
1-أن يكون الدين مستحق الأداء
إذ أنه لا يحق للبنك الرجوع على المدين إذا ما وفى للدائن بقيمة الدين رغم عدم حلول أجل استحقاقه، وبالتالي عليه أن ينتظر حلول الأجل الأصلي ، ولا يسري في حق البنك الكفيل أي اتفاق بين المدين المكفول والدائن المستفيد بتمديد أجل الوفاء، بل له الحق في الرجوع على الأول في أجل الاستحقاق الأصلي .
2-أن يحصل الوفاء للدائن من لدن البنك
يكون للبنك الكفيل الرجوع على المدين متى وفى عنه لفائدة الدائن، أو لأي سبب آخر يأتيه البنك وينقضي به الالتزام الأصلي تجاه المدين، إذ اعتبره المشرع بمثابة الوفاء، كالمقاصة التي تقع بين الكفيل والدائن .
ونافلة القول أن حق الرجوع بمقتضى هذا الشرط يكون في حدود ما أداه البنك الكفيل للدائن .
3-أن يخطر البنك الكفيل المدين قبل الوفاء
ويعتبر هذا الشرط ذا أهمية بالغة لإعمال حق الرجوع تجاه المدين، على اعتبار أنه قد يكون لدى هذا الأخير أكثر من سبب للاعتراض على الوفاء والمستمدة من علاقته بالدائن، كأن يكون مثلا قد أدى ما عليه، أو كان لديه من الأسباب ما يجعله يتمسك ببطلان الالتزام الأصلي أو انقضائه .
ثانيا: دعوى الحلول
يؤطر هذه الدعوى الفصل 1147 من قانون الالتزامات والعقود كنص خاص ، والفصل 214 من نفس القانون كنص عام ، ويتجلى أساس الرجوع بناء على دعوى الحلول في أن البنك قام بوفاء ما بذمة المدين، ويشترط لممارسة هذه الدعوى مجموعة من الشروط على النحو الآتي:
-أن يكون الوفاء صحيحا
-أن يكون الوفاء كاملا لا جزئيا.
-أن يحل أجل الالتزام الأصلي.
هذا وتمارس دعوى الحلول تجاه أشخاص معينين، وفي نطاق موضع معين على النحو الآتي:
1-النطاق الشخصي لدعوى الحلول
لا ينحصر النطاق الشخصي لدعوى الحلول على المدين الأصلي فقط، بل على كل المدينين المتضامنين والكفلاء ، بحيث أن تعدد المدينين المتضامنين له حق الرجوع على أي منهم بكل على اعتبار كما قلنا أن الكفالة البنكية عمل تجاري يفترض فيها التضامن.
2- النطاق الموضوعي لدعوى الحلول
يحل البنك محل الدائن في كل الحقوق –طبعا بعد استيفاء الشروط السالفة الذكر مجتمعة- التي له تجاه المدين الأصلي بكل ما تضمه من ضمانات وامتيازات ، بحيث إن وجود أي سند تنفيذي بين يدي الدائن الذي حصل الوفاء له يحق للبنك مباشرة الإجراءات التنفيذية بمقتضى ذلك السند.
المطلب الثاني: أسباب انقضاء الكفالة البنكية
من خصائص الكفالة بصفة عامة، والكفالة البنكية على وجه الخصوص، أنها من التزام تبعي لالتزام أصلي ، لذلك فإن ما ينقضي به الالتزام الأصلي تنقضي به الكفالة البنكية (الفقرة الأولى)، كما أن بحثتنا في إطار النصوص القانونية وجدنا أن هناك سببا خاصا لانقضاء الكفالة البنكية في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: انقضاء الكفالة البنكية بأحد الأسباب العامة
نتناول في هذه الفقرة الأسباب العامة لانقضاء الكفالة البنكية، ونميز فيها انقضاء الكفالة بصفة تبعية، ثم بشكل أصلي.
أولا: انقضاء الكفالة بصفة تبعية
إن ميزة تبعية الكفالة البنكية للالتزام الأصلي هي التي دفعتنا إلى تبني هذا التقسيم، بحيث تنقضي الكفالة بـالوفاء الحاصل من االمدين الأصلي، أو الوفاء بمقابل.
1-الوفاء كسبب تبعي لانقضاء الكفالة البنكية
إن قيام المدين الأصلي بوفاء الدين المترتب عليه والذي منحت الكفالة البنكية لأجل ضمانه، سواء قام المدين الأصلي بالوفاء رضاء، أم أن الدائن اتبع إجراءات تنفيذية ضده ، بحيث في كلتا الحالتين يستوفي الدائن دينه، وبالتالي تنقضي الكفالة البنكية تبعا لذلك، ويشترط لانقضاء الكفالة بهذا السبب أن يكون الوفاء كاملا وصحيحا، وأن يكون وفاء من طرف المدين لا الغير، و إلا ظلت الكفالة البنكية قائمة.
2-الوفاء بمقابل كسبب لانقضاء الكفالة
ينص الفصل 1159 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي:
" إذا قبل الدائن مختارا، وفاء لحقه، شيئا آخر غير الشيء المستحق له برئت ذمة الكفيل ولو كان متضامنا، وذلك ولو استحق الشيء من يد الدائن أو رده الدائن بسبب ما يشوبه من عيوب خفية".
بحيث يقبل الدائن شيئا أخر غير ما كان محل للالتزام الأصلي في حين ينتنازل عن قيمة الدين .
ثانيا: انقضاء الكفالة بصفة أصلية
ينص الفصل الفصل 1151 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي:
"الالتزام الناشئ عن الكفالة ينقضي بنفس الأسباب التي تنقضي بها الالتزامات الأخرى ولو لم ينقض الالتزام الأصلي".
وقد نظم المشرع المغربي أسباب انقضاء الإلتزامات في القسم السادس من قانون الالتزامات والعقود والذي استهله بتعداد تلك الأسباب.
الفقرة الثانية: عدم التصريح بالدين كسبب خاص لانقضاء الكفالة البنكية
جاءت المادة 690 من مدونة التجارة لسنة 1996 بسبب خاص لانقضاء الإلتزامات يقتصر على مساطر صعوبة المقاولة، ومن بين تلك الإلتزامات المشمولة بهذا المقتضى الكفالة البنكية، بحيث أن عدم التصريح بالدين المترتب في ذمة المقاولة المفتوحة في وجهها مساطر معالجة صعوبات المقاولة لدى السنديك، في الآجال المشار إليها في المادة 687 من مدونة التجارة ، وبعد مرور أجل السنة كآجال لرفع السقوط عن الدين يجعل هذا الدين منقضيا تجاه المقاولة المدينة طبقا لما جاء في الفصل 1150 من قانون الالتزامات والعقود ، ويسري هذا الانقضاء في حق البنك الكفيل كذلك.
المراجع المعتمدة
1-الكتب
-ادريس العلوي العبدلاوي
أصول القانون
الجزء الثاني: نظرية الحق.
الطبعة الأولى سنة 1972
مطابع قدموس الجديدة.
-عبد الرزاق أحمد السنهوري
الوسيط في شرح القانون المدني
الجزء العاشر والأخير
طبعة سنة 2004
منشأة المعارف جلال حرى وشركاؤه. الاسكندرية. مصر.
-عبد الرحيم بحار
الإجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية
منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الدراسات و الابحات،
العدد 8 فبراير 2009.
- محمد جنكل
العمليات البنكية غير المباشرة.
الاعتماد بالقبول. خطاب الضمان. الكفالة البنكية.
طبعة سنة 2009.
مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء.
-فريدة اليوموري.
القانون التجاري. الأعمال التجارية والتاجر.
الطبعة الأولى 2006.
مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء.
- هاني محمد دويدار
العقود التجارية والعمليات المصرفية، الوكالة بالعمولة. نقل البضائع. البيع بالتقسيط. حساب الودائع. الحساب الجاري. القرض المصرفي. الاعتماد البسيط. الكفالة المصرفية. خطاب الضمان. الاعتماد المستندي. خصم الأوراق التجارية. إدارة الأوراق المالية.
طبعة سنة 1993.
دار الجامعة العربية الجديدة للنشر. الاسكندرية.
-محمد صبري.
الأخطاء البنكية. أساس مسؤولية البنكي عن عدم ملائمة الائتمان مع مصلحة الزبون، دراسة تحليلية وفق القانون المغربي والمقارن مذيلة بأهم الأحكام والقرارات الصادرة في الموضوع.
الطبعة الأولى. سنة 2007.
مطبعة النجاح االجديدة. الدار البيضاء. ص 184
- الحسن البوعيسي.
كرونولوجيا الاجتهاد القضائي في المادة التجارية.
الطبعة الأولى 2003.
مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء.
توزيع دار الأمان. الرباط.
-محمد الفروجي.
العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي.
الطبعة الثانية، السنة 2005.
مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء.
-محمد السيد الفقي،
القانون التجاري، الإفلاس.
العقود التجارية. عمليات البنوك.
الطبعة الأولى 2010.
منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. لبنان.
2- الرسائل والأطروحات الجامعية
-إسماعيل أبو ياسين، استقلال خطاب الضمان في عقود التجارة الدولية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص. جامعة الحسن الأول. كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. سطات. االسنة الجامعية 2008-2009.
-محمد الأطرش، الضمانات البنكية المستقلة في عقود التجارة الدولية. سلسلة الرسائل والأطروحات. العدد الثاني. منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. جامعة القاضي عياض. السنة الجامعية 1995-1996.
3-المجالات والمقالات
-عبد الحق سرماك، الكفالة البنكية في القانون المغربي. مجلة القانون المغربي. العدد 3. السنة 2003.
-جواد الذهبي، موقع الكفالة البنكية على خارطة الضمانات البنكية، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 110، شتنبر وأكتوبر 2007.
-سعيد بربال، إشكالات تحقيق الضمانات البنكية، مقال منشور في الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي، منشورات المعهد العالي للقضاء.العدد الأول. يناير 2004. طبع وتوزيع مكتبة دار السلام. الرباط.
خديجة بنجلون، وضعية الكفيل في مسطرة معالجة صعوبات المقاولة، مقال منشور بمجلة المحاكم التجارية، العدد الخامس والرابع، فبراير 2010.منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، وزارة العدل. مطبعة إليت.
محمد الحارثي، دفوع الكفيل في مواجهة الدائن، صعوبات المقاولة وميدان التسوية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الندوة الجهوية الثامنة. 21-22 يونيو 2007. طبعة سنة 2007. مطبعة الأمنية الرباط.
مجلة المحاكم التجارية. العدد الأول، ماي 2004. منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية.
مجلة قضاء المجلس الأعلى. العدد 56. السنة 2000. الإصدار الرقمي دجنبر 2004. منشورات مركز النشر والتوثيق القضائي. المجلس الأعلى.
مجلة المحاكم التجارية، العدد الخامس والرابع، فبراير 2010.منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، وزارة العدل. مطبعة إليت.
مجلة المحاكم المغربية، عدد 85.
4-النصوص القانونية
الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.339 بتاريخ 9 أكتوبر 1977، بمثابة مدونة للجمارك والضرائب غير المباشرة كما وقع تغييرها وتتميمها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3392 مكرر بتاريخ 4 نونبر 1977 ص 3289.
الظهير الشريف رقم 1.96.83 الصادر بتاريخ فاتح غشت 1996، بتنفيذ القانون رقم 15.95 بمثابة مدونة للتجارة، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4418 بتاريخ 3 أكتوبر 1996.
الظهير الشريف رقم 1.02.130 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002 بتنفيذ القانون رقم 08.01 المتعلق باستغلال المقالع المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5031 بتاريخ 19/08/2002 الصفحة 2355.
الظهير الشريف رقم 1.05.178 بتاريخ 14 فبراير 2006، الصادر بتنفيذ القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5397 بتاريخ 20 فبراير 2006. ص 435.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق